
ذكر أيضاً قضية ما تزال ظاهرة فيهم إلى حد الآن كيف أنه على أيديهم، وبسبب انحطاطهم الذي فقدوا به الإهتمام بالقضايا الكبيرة، الإهتمام بعمارة الدنيا على أساس هدي الله، هذا الإنحطاط الذي تصل إليه النفوس المعرضة عن هدي الله عندما تصبح لا تقدر للشيء مهما كان مهماً أي قيمة، حضارة معينة كانت يبدو ـ والله أعلم ـ كانت حضارة راقية ـ كما قلنا ـ من مظاهرها ما كان عليه نبي الله سليمان، وما كان عليه منهم من المقربين لديه من حاشيته، ومن كبار دولته أنه يبدو أنه كان هناك في ذلك العصر علوم راقية، وتبدو مظاهرها ـ كما قلنا بالأمس ـ ما تزال في مصر، وقد يكون من مظاهرها ما هو في اليمن أيضاً، أشياء عندما تتأمل فيها ترى بأنها بعيدة أن تكون من عمل الإنسان بطاقته الطبيعية، وخبراته الطبيعية، أنه يبدو أنه كان هناك علوم تسخر بها أشياء كثيرة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى تعتبر أسباباً لإنتاج أشياء لا ينالها الإنسان هو بطاقاته المحدودة.
من أبرز ما حصل في تلك الحضارة، ومن مظاهر ذلك العلم ما حكاه الله سبحانه وتعالى في قصة [عرش بلقيس] كيف أن الذي عنده علم من الكتاب قال {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (النمل من الآية40) قضية علمية هذه ليس معناها أنه مسألة دعاء معين، فيما يبدو ـ والله أعلم ـ ليست القضية قضية دعاء؛ عنده علم من الكتاب، تسخير أشياء معينة كما قلنا بأن مجمل ما يتحرك فيه الإنسان مهما تطورت العلوم لا تخرج عن مجرد استخدام لأسباب طبيعية الله سبحانه وتعالى هو الذي جعلها في هذا الكون، محيط هذه الأرض، في السماوات والأرض وما بينهما، لكن لاحظ كيف اليهود عندما انحطوا انحطاطاً رهيباً جداً كان الذي يهمهم من تلك العلوم، ومن تلك الحضارة الهامة هو أن يتعلموا ما يفرقون به بين المرء وزوجه! فأضاعوا العلوم الأخرى، أضاعوا علوماً ابتنت عليها حضارة لهم هم في عهد سليمان كلها في الأخير تلاشت، خلاصة ما تبقى لديهم هي [علوم الشعوذة]ـ مثلما يقولون ـ وما زال هذا لديهم إلى الآن.
اقراء المزيد